الفصل الثاني:
كان جالسا و بجانبه الفتاة التي اختارها و احاطه الكثير من المباركين ، لكنه كان غائبا عنهم.. لم تبدو على وجهه اي مشاعر الا ابتسامة مقتضبة يرسمها من الحين للاخر. اقتربنا و بدأت ميساء
” منذر الغالي مبرووووك ياخي ”
رفع بصره الينا وابتسم بتوتر.. وصافح ميساء
” الله يبارك فيك ” ..
ابتسمت و مددت يدي
” المنذر ولد خالتي العزيز مبرووووك ليك والله ” ..
صافحني.. وعيناه مركزة على عيناي.. قال الكثير.. فضحت عيناه كل شيء.. طال عناق أيدينا والصمت المهيب.. تدخلت ميساء وهي تدفعني
” ما سلمنا على العروس ” ..
ابعد يده ونظره سريعا و انزل رأسه للارض وهمس بآسف وصل الي..
سلمت ميساء ” مبروك يا شيراز عقبال العرس ” ..
تقدمتُ نحوها
” مبرووووك و نشوفك عروس ان شاء الله”
.نظرت الي ببرود و كذلك كان ردها
” الله يبارك فيك ” ..
والتفتت الى صديقتها وكأنها تتطلبها التدخل و رفع شأنها .. تدخلت ميسون
” الا وين يوسف يا ابتهال معقولة دا كلو شهر عسل ”
نبرة ساخرة و مؤذية..
” يوسف هنا ”
.. تجمدت حواسي.. و غرقت في بحر عطره المميز فقد كان يقف خلفي.. كيف ؟ متى ؟ ولماذا ؟ لا اعلم لكنه فقط هنا.. وهذا ما افكر فيه الان.. عجزت عن الاستدارة ومواجهته.. لا اعلم خفت.. خفت ان لا اجده.. ويكون هذا مجرد طيف عابر.. من فرط جرح كلمات ميسون.. اغمضت عيني كي أعيش اكثر في هذا الحلم.. شعرت بيدين على أكتافي.. و أدارتني بخفة وكاني دمية ودون مقاومة مني..
واتاني صوته المتحدي
” مبروك عليك شيراز يا منذر ، واعذروني حأسوق مرتي” يضغط على الكلمات.. فتحت عيناي وتأملته.. أفهم حركته جيدا.. وأفهم ان منذر لا يملك ردا.. الكلمات التي قالها بانكسار و عاشق مرهق
” مبروك عليك ابتهال يا يوسف “
تعود اليه الان لتذكره بخسارته مرة جديدة. لم يا يوسف.. تغرس فيه هذا الاحساس.. لم توجعه بهذا القدر.. اهي الغيرة.. وماذا عنك.. وعني.. وايمان.. ما المفترض ان يكون عليه موقفي منك.. هكذا انت و منذر مجرد فرضية.. فما حالي انا و ايمان واقع حدث!
امسك بيدي وقادني معه.. نظرت الى ميساء باستنجاد.. لا اريد الذهاب معه.. اريد ان ابقى.. اريد الجلوس معها.. لكن ما عساها تفعل.. !
ما ان خرجنا من المنزل حتى ترك يدي.. و اكملت الى السيارة بمفردي.. فتح لي الباب الخلفي.. ولم ينطق بحرف..انه غاضب وجدا.. وحتى مشاركته المقعد الامامي حرمني منها..ركب وركبت..
” يوسف مـ..” قطعت كلامي
عندما انتبهت للجالسة في المقعد الامامي لا ادري ما شعوري في تلك اللحظة سوى اني سقطت من مكان مرتفع جدا واسمع صوت تحطمي الى اشلاء..
” يوسف ليه اتأخرت كدا عشان تطلعها محتاج الوقت دا كلو ” ..
” عارفة هي بتحب الحفلات ما طلعت لي بسهولة ” ..
” اووه الحالة دي خطوبة ما عرس ” ..
لم أتأثر كثيرا بعدها بالحوار الذي يدور بينهما عني انا والاخطاء التي لا اعرف متى ارتكبتها .. فقد تحطمت وانتهى.. لا اعرف ماذا يمكن ان يحدث بعد ان اتحطم!
التفتت الي
” معليش نسيت اسلم عليك يا ابتهال لما يوسف بكون معاي بنسى كل الحوالي ” ..
حاولت بكل جهدي ان يخرج صوتي ثابتا خاليا من نبرة البكاء..
” ما مشكلة يا ايمان انتي كيف وحمدلله على السلامة ” ..
تجاهلت حديثي واخذت تضحك على رسالة وصلتها في الهاتف النقال.. سمح لها باقتناء واحد اما انا فقد كان محرما علي.. واتذكر ان منذر اهداني واحدا قبل ان اتزوج و عندما علم يوسف بذلك رماه على الحائط وتناثرت اجزاؤه في كل مكان.. اتذكر اني بت يومها في الارض بقرب الاشلاء وانا ابكي بحرقة.. !!
توقفت السيارة امام البوابة الصغيرة.. المؤدية الى القسم الخاص بي من المنزل مباشرة.. وهذه ليست عادته ابدا.. ففي كل الاوقات كان يدخل بالبوابة الكبيرة ليمر بأهله اولا ويسلم.. ماباله.. جاءني جواب سؤالي سريعا..
” ابتهال انزلي ” ..
نظرت الى نصف وجهه المنعكس في المرآة.. كنت افتش عن شيء.. شيء لم أعد اراه.. نزلت.. لم ينتظر حتى ان اغلق الباب ، انطلق تاركا للهواء تلك المهمة ، .. لم استطع تمالك نفسي بعدها.. بكيت بكيت بحرقة والم.. الم في صدري فقدت القدرة على تفسيره.. وارهقني لدرجة لم استطع الوقوف.. فاسندت نفسي الى الباب.. حتى استكانت اطرافي قليلا.. ودخلت سريعا.. ..
لكني لم أعي للعين التي كانت تراقبني.. حينها.. !